السيجارة الإلكترونية خطرة على الصحة


                         

منى أبو صبح- غزت الإلكترونيات حياتنا، وباتت تقنياتها سلاحا يستعان به للإقلاع عن عادة ضارة أو موضة جديدة، تستهوي العديد للتعرف على حسناتها ومساوئها.

ومن بين الإلكترونيات التي دخلت حياتنا؛ السيجارة الإلكترونية، التي قامت شركات عالمية بإنتاجها بدعوى التقليل من مضار التدخين، وهي عبارة عن جهاز مشابه للسيجارة العادية يحتوي على بطارية ومستودع صغير يوضع فيه النيكوتين السائل، فيتفاعل حال سحب المدخن للهواء، ويبعث الدخان عبر قناة صغيرة إلى الفم. وتختلف أنواع السيجارة الإلكترونية باختلاف الشركات المصنعة لها.
واتجه العديد من الناس لاستخدام هذه السيجارة، على أمل الإقلاع عن التدخين والتخلص من مضاره، لكن نتائجها ليست مضمونة، بل هناك دراسات تشير إلى أنها تشكل خطرا على الصحة.
العشريني هاني مصطفى (28 عاما) استبدل السيجارة العادية بالسيجارة الإلكترونية، بناء على نصيحة من قبل أصدقائه، حتى يترك التدخين، بعد أن باءت محاولاته السابقة للإقلاع عنه بالفشل. ويشير إلى أن المعلومات التي لديه تؤكد عدم وجود نيكوتين في الدخان المنبعث من السيجارة الإلكترونية، الأمر الذي دفعه إلى استخدامها كوسيلة للإقلاع عن التدخين.
أما وائل السيد (32 عاما)، فيذهب إلى "أن السيجارة الإلكترونية تتناسب مع الحداثة في تصاميمها، فهي تجذب أغلب الشباب، حتى من غير المدخنين، فتشجعهم على اقتنائها، باعتبارها "موضة"، يرغب الكثير في اكتشافها، وقد جعلت بعض أصدقائي، بالفعل، يجربونها، ومنهم من أدمن على تدخينها".
في حين تؤكد الأربعينية أم ليث، أنها اضطرت لاستخدامها، أملا في أن تقلع عن التدخين، حيث تدخن في اليوم الواحد نحو علبتي سجائر، وهو ما جعلها تخشى على صحتها.
وبعد شهر من استخدامها هذه السيجارة الحديثة، أيقنت أم ليث أنها قد أدمنت عليها، لكن هذه السيجارة لم توفر عنها تدخين السيجارة العادية التي استمرت في الإدمان عليه. ولذلك قررت في النهاية أن تترك سيجارتها الإلكترونية وتستمر في تدخين السجائر العادية، لأن السيجارة العادية، في رأيها، "أقل خطرا".
وتشير رئيسة مكافحة التدخين في مركز الحسين للسرطان، د.هبة أيوب، إلى أن السيجارة الإلكترونية بدعة جديدة، من إنتاج شركات التبغ التي تحاول الترويج لهذا النوع من السجائر، بادعائها أنها "منتجات صحية" تساعد على التخلص من الإدمان على التدخين التقليدي. فالسيجارة الإلكترونية عبارة عن جهاز مشابه للسيجارة الطبيعية، يحتوي على بطارية قابلة للشحن، وأسطوانة لتخزين النيكوتين، هي التي تحوّل السائل إلى بخار ماء.
وتقول أيوب "لا نعلم مدى ضرر هذه السيجارة على الصحة، ثم إن النيكوتين الذي تحتويه هذه السيجارة ليس نقيا، فهو ذاته المستخدم في السيجارة العادية المسرطنة. كما أنه تتم إضافة مواد أخرى سامة، حتى يتم تحويلها إلى سائل. ناهيك عن أن النيكوتين يؤثر عند استنشاقه على الرئتين".
وتضيف "هناك العديد من الناس الذين يقومون بالاتصال بمركز الحسين للسرطان، للاستفسار عن السيجارة الإلكترونية، فنقوم بإرشادهم وتوعيتهم بالمعلومات الصحيحة حولها، ونوضح لهم أن الشخص الذي يمسك السيجارة الإلكترونية بيده لا يعني أنه تخلص من الإدمان، بل سيتعلق بهذه السيجارة أكثر فأكثر، فهي تستهويه لأنها حديثة".
وتشير أيوب إلى أن أشخاصا كثيرين كانوا قد تركوا التدخين لفترة طويلة، لكن حاجتهم للنيكوتين الذي تعودت عليه أجسامهم ما لبثت أن دفعتهم إلى تجربة السيجارة الإلكترونية، وشرائها، موضحة أنها صممت كبديل للسيجارة وليس للنيكوتين. وأما بدائل النيكوتين؛ كالعلكة واللزقات، فهي أدوية تستخدم للعلاج والإقلاع عن التدخين، وهي بالفعل أدوية مدروسة.
ويرى الخمسيني أبووليد، صاحب إحدى البسطات، أن السيجارة الإلكترونية سلعة مجدية للبائع وللمشتري معا. فهو يبيع السيجارة الإلكترونية بسعر أقل من أسعار غيره، مؤكدا أن الإقبال على شرائها كبير، يقبل عليها الرجال والنساء، والطلبة والمراهقون والفتيات.
ويتوقع هذا البائع أن يستمر انتشار هذه السيجارة، ويقول "نحن أمام سلعة حيوية. أما بالنسبة لأضرار التدخين فقد علمت من جهات مختلفة أن النيكوتين مادة غير مضرة. أما مادتا القطران وثاني أكسيد الكربون الضارتان، الموجودتان في السيجارة العادية فهما غير موجودتين في السيجارة الإلكترونية".
ويبين مدير إدارة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة د.بسام حجاوي، أن الوزارة تلاحق كل من يحاول إدخال أو استيراد "السجائر الإلكترونية"، استنادا لقانون الصحة العامة.
ويؤكد حجاوي أن السيجارة الإلكترونية مضرة وخطرة على صحة المدخن، وعلى من حوله، خصوصا وأن المدخن لا يتحكم فيها، وقد تؤدي إلى مشاكل صحية عديدة؛ ومنها "الموت المفاجئ".
ويشير إلى أن كمية النيكوتين التي تستنشق من السيجارة الإلكترونية غير محددة، وأن الإدمان عليها أشد من الإدمان على السيجارة العادية، مؤكدا أن "منظمة الصحة العالمية حذرت من استخدامها، فهي الأسوأ على صحة المدخن من التبغ الطبيعي".
ويؤكد أن الوزارة لن تسمح باستيرادها، لأنها تشكل خطرا على صحة المدخن، لاحتوائها على مادة سامة. كما خاطبت الوزارة الجهات المعنية كافة، طالبة منها عدم الترخيص بدخول هذا المنتج إلى المملكة.
كما يرى الأربعيني أبوإبراهيم، أن السيجارة الإلكترونية تحمل ضرر السيجارة العادية وأكثر، خصوصا عند استخدام أكثر من شخص لها، ويقول "يجب أن نبعد شبابنا وأبناءنا عن التدخين، بدلا من أن نقدم لهم بدائل مضرة، خصوصا وأن الشباب لا يتردد في الإقبال على أي شيء جديد، يدفعهم لتجربته الفضول والتقليد".
هيثم جمعة (38 عاما)، يقول "أنا كمدخن استعملت السيجارة الإلكترونية لمدة تقارب الشهرين، وقد لاحظت فارقا كبيرا. فقد اختفت الكحة والبلغم المرافقان للتدخين العادي، وعموما يمكن القول إنها ساعدتني على الشعور بالتحسن صحيا".
ويضيف "أما بخصوص نسبة النيكوتين، فقد قمت باستعمال ثلاث نسب من النيكوتين: أولا نسبة عالية، ثم نسبة أقل من النيكوتين بعد فترة، وأخيرا استعملت السيجارة الخالية من النيكوتين، واكتشفت أن هذا النوع من الإدمان خال من كل ضرر".
وفي هذا الشأن، يشير ممثل منظمة الصحة العالمية، د.أكرم التوم، إلى أنه "لم يتم حتى الآن إثبات مدى سلامة السجائر الإلكترونية علميا، كما أن المخاطر المحتملة التي تشكلها على صحة المستخدمين ما تزال غير محددة".
ويبين من ناحية أخرى أن بعض نتائج الاختبارات التي أجريت على بعض من هذه المنتجات تكشف عن وجود مواد كيميائية سامة، بالإضافة إلى النيكوتين، وقد يعرض استخدام هذه السيجارة، المرء، إلى خطر التسمم بالنيكوتين، فضلا عن مخاطر الإدمان على منتجات التبغ المعدة لغير المدخنين، سواء عن طريق استنشاق النيكوتين، أو بلعه، أو احتكاكه مباشرة بالجلد.
ويضيف "كما يمكن أن تشكل السيجارة الإلكترونية خطرا على صحة وسلامة قطاعات كثيرة من السكان غير المدخنين، بمن فيهم الأطفال، والنساء الحوامل، والمرضعات، والأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، وكبار السن".
ويقول "استنادا للعديد من القوانين تقوم منظمة الصحة العالمية، ومن خلال مؤتمرات عالمية، بالنظر في الشروط التي يمكن أن تلزم الدول بحظر هذه المنتجات".

هل اعجبك هذا الموضوع ؟

لا يوجد تعليقات حتى الأن

إرسال تعليق