ريم الرواشدة - تطمئن سعاد من خلال حديثها اليومي مع ابنائها الثلاث على مائدة الطعام على اوضاعهم في المدرسة ،وتتشعب الاسئلة والحديث ليطال تفاصيل صغيرة تخص الطلبة والمعلمين و حتى حوادث السير التي صادفوها خلال رحلتي الذهاب و الاياب من المدرسة.
وتقول سعاد»لم أنتبه بداية لملاحظة ابنتي الصغرى سما و انا اهم بسكب الطعام في صحونهم،عن عزمها عدم الذهاب الى المدرسة،وهي التي كانت تتراقص فرحا في كل صباح قبل ذهابها للمدرسة».
وتضيف»لكن كلماتها دوت مرة اخرى في اذني و انا اتلفت الى صحونهم متسائلة عمن يريد المزيد من الطعام لالمح ان صحنها ما زال ممتلئا بالطعام الذي لم تتذوقه».
وتزيد»لمحت حزنا في عينيها  والحت على عدم رغبتها في تناول الطعام ورجاء بعدم الذهاب الى المدرسة».
وتقول»كظمت غيظي ،وما انتهى اخوتها من تناولهم الطعام حتى سالتها عن السبب:فكانت المفاجأة بانها تتعرض للتنمر من احدى الفتيات،إذ تتعرض لها بالاغاضة وتسيطر في ذات الوقت على الفتيات الاخريات وتجعلهن يحاربنها و يبتعدن عنها».
 و»التنمر» وفق ابحاث و دراسات عديدة باتت ظاهرة في المجتمعات التربوية ويعني (الاستقواء، أو الاستئساد، أو البلطجة) كما باتت تزداد حجماً ونوعاً وأسلوباً، وبخاصة العنف الأسري والعنف ضد الأطفال، الذي صار يحدث بمعدلات عالية في شتى أنحاء العالم، ويأخذ طابعاً وبائياً ينتشر بشكل خطر في المجتمع المعاصر وفقاً للتقديرات الإحصائية التي تسجلها بعض المجتمعات، مما يمكن وصفه على أنه “وباء العنف” (The epidemic of violence) كما تصفه “الرابطة الأمريكية للطب النفسي.
وتضيف سعاد»لجأت الى مربية صفها و مديرة المدرسة و تجاوبن بشكل كبير مع المشكلة وتحدثت مع  الطالبة نفسها و حتى ام الطالبة لكني لم افلح الا من وقت قريب».
وتزيد»خلصنا بعد اجتماع عائلي الى ضرورة ان تضع ابنتي سما حدا بنفسها لهذه الفتاة و تحاول ان لا تعيرها انتباها فكان ان بدأ يتغير الوضع و تكون قوية و تصاحب صديقة ودودة».
 واظهرت دراسة فنلندية نشرت قبل خمس سنوات أن الأطفال الذين يمارسون سلوكيات «التنمر» تجاه رفقائهم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية عندما يصبحون راشدين.
كما أوضحت الدراسة أن ضحايا هذا النوع من السلوك، يكونون معرضين كذلك للتأثر فيما يتعلق بصحتهم النفسية في مراحل عمرية لاحقة.
ويستخدم الأطفال المتنمرون طرقاً عدة لمضايقة ضحيتهم، فقد يطلقون على الطفل الضحية أسماء وألقاباً مضحكة أو يسخرون من لونه أو شكله أو ملابسه أو كلامه، أو يختلقون الأكاذيب من حوله، لإيقاعه في مشكلات مع الأساتذة، وقد يطلبون من الطلاب الآخرين عدم مصادقته. إضافة إلى ذلك يعمد المتنمرون إلى عدم مشاركة الطفل الضحية أنشطتهم ويخوفونه أو يهددونه، وقد يضربونه أو يدفعونه بالأيادي ليقع على الأرض.
و مؤخراً لجأ المتنمرون إلى التكنولوجيا لممارسة استقوائهم على ضحاياهم فقد استعانوا بغرف الدردشة على المواقع الإلكترونية وتقنية الرسائل الإلكترونية لمضايقة الضحية من خلال، إما بعرض صور مشينة لها أو كتابة كلام جارح أو التشهير بها.
وتقول الباحثة خولة مناصره»أن التنمر أصبح مشكلة شائعة و خطيرة في المدارس، وله اثار سلبية تبقى في ذاكرة الطفل وتؤثر في صحته النفسية على المدى البعيد».
وتضيف»غالباً ما يخفي الأطفال عن الأهل معاناتهم بسبب شعورهم بالخجل، فهم لا يريدون أن يوصفوا بالضعف، ولمساعدة الطفل على مواجهة التنمر في مدرسته،فعلى الأهل أن يدركوا طبيعة المشكلة لينجحوا في مواجهتها وحلها.»
وتشير»الى أن الأولاد والبنات يقعون ضحية للتنمر بنفس النسبة، ويتعرض الأطفال الأصغر سناً للتنمر، أكثر من الأطفال الأكبر سناً.»
وتنبه الى ان للتنمر تاثيراته الصحية والاجتماعية والتحصيلية والنفسية الخطيرة على الأطفال كارتفاع نسب تعرضهم للاكتئاب، والقلق، والانتحار، واضطرابات نفسية أخرى ،ومحاولة حمل أسلحة إلى المدرسة بهدف الدفاع عن النفس،التغيب عن المدرسة بسبب الشعور بعدم الأمان،ضعف التحصيل الدراسي بسبب القلق والخوف،ضعف التقدير الذاتي، وارتفاع نسب الإصابة بالاكتئاب».
وتدعو مناصرة الاهل»الى عدم إنتظار أن يتعرض ابنهم للتنمر حتى يناقشوه او يأخذوا إجراء ما».
وتقول»لا تنتظروا منه أن يخبركم، وغالباً ما لا يفعل ذلك ،وهناك عدة طرق لمنع التنمر، ومنها سؤال الطفل سؤالاً مباشراً حول تعرضه للتنمر ,وعلاقته مع أصحابه، ومرافقيه في الملعب وحافلة المدرسة.
وتوصي الآباء بأن يعلّموا الطفل الثقة بالنفس، والمرونة، وكيف يطور مهاراته الاجتماعية ليقلل من كونه هدفاً سهلاً للمتنمرين،وتقول ساعدوهم على الاشتراك بنشاطات المدرسة لمساعدته على زيادة تقديره لذاته مثل: الرياضة، او الموسيقى وتواصلوا مع إدارة المدرسة والمرشد التربوي لحصر المشكلة وحلها».
وتختم بقولها شجعوا الطفل على التحدث عن معاناته، وكونوا ودودينً، ولا تظهروا الأسى فتزيد الأمور سوءا،اشعروا الطفل بأنه غير مسؤول وغير ملام لتعرضه للتنمر، ولا تفترض أن طفلك فعل شيئا ليثير او يزيد التنمر المدرسي ضده، فالمتنمر عادة يختار ضحيته عشوائيا,وعبروا عن اهتمامكم بالقول «أتفهم انك تمر بأوقات صعبة، ولكن دعنا نحاول معالجة الأمر معاً.»